يُكنى: أبا محمد، ويعرف بابن عيسى وهو يحيى بن يحيى بن كثير، وهو المكنى بأبي عيسى، وهو الداخل إلى الأندلس، وهو كثير بن شملل. أصله من البربر، من مصمودة المشرق. رحل وهو ابن ثمان وعشرين سنة.
فسمع من مالك بن أنس الموطأ غير أبواب من الاعتكاف فحملها عن زياد بن مالك، وسمع من نافع بن أبي نعيم القارئ ومن القاسم العمري، ومن الحسين بن ضميرة، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة. وسمع بمصر من الليث بن سعد سماعاً كثيراً. ومن ابن وهب (موطأ) وجامعه.
وسمع من ابن القاسم مسائله، وحمل عنه من رأيه عشر كتب كباراً، أكثرها سؤاله وسماعه، وكتب سماع ابن القاسم من مالك.
ثم انصرف إلى المدينة ليسمعه من مالك، يسائله عنه؟ فوجد مالكاً عليلاً، فأقام بالمدينة إلى أن توفي مالك -رحمه الله-، وحضر جنازته.
وسمع من أنس بن عياض، وقدم إلى الأندلس بعلم كثير، فعاد فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار عليه، وانتهى السلطان والعامة إلى رأيه.
وكان فقيهاً حسن الرأي، وكان لا يرى القنوت في الصبح ولا في سائر الصلوات.
وقال: سمعت الليث بن سعد يقول: سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري يقول: إنما قنت رسول الله ÷ نحو أربعين يوماً يدعو على قوم، ويدعو لآخرين. قال: وكان الليث لا يقنت.
وخالف يحيى أيضاً مالكاً في اليمين مع الشاهد، فلم ير القضاء به ولا الحكم وأخذ بقول الليث في ذلك، وقال: لا بد من شاهدين رجلين، أو رجل وامرأتين.
وكان يرى زكاة الأرض بجزء مما يخرج منها على مذهب الليث، وقال: هي سنة رسول الله ÷ في خيبر، وقضى برأي أمينين إذا لم يوجد في أهل الزوجين حكمان يصلحان لذلك.
وكان إمام أهل بلده والمقتدى به فيهم، والمنظور إليه والمعول عليه.
وكان ثقة عاقلاً حسن الهدي والسمت، وكان شبه في سمته بسمت مالك -رحمه الله-، ولم يكن له بصر بالحديث.