قال أبو القاسم بن شكوال الحافظ: كان يحيى بن يحيى مجاب الدعوة، قد أخذ نفسه في هيئته ومقعده هيئة مالك الإمام بالأندلس، فإنه عُرض عليه قضاء الجماعة وامتنع، فكان أمير الأندلس لا يولي أحداً القضاء بمدائن إقليم الأندلس، إلا من بشير بن يحيى ابن يحيى، فكثر لذلك تلامذة يحيى بن يحيى، وأقبلوا على فقه مالك، ونبذوا ما سواه.
وقال ابن القرطبي في تاريخه: وكان يحيى بن يحيى ممن أتمم ببعض الأمر في الهيج، يعني: في القيام والإنكار على أمير الأندلس.
قال: فهرب إلى طليطلة، ثم استأمره، فكتب له الحكم الأمير المعروف بالربضي إماناً فرد إلى قرطبة.
وعن يحيى بن يحيى قال: أخذت بركات الليث، فأراد غلامه أن يمنعني، فقال الليث: دعه، ثم قال لي: خدمك العلم، قال: فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذلك وقيل: إن عبد الرحمن بن عبد الحكم المرواني صاحب الأندلس نظر إلى جارية له في رمضان نهاراً، فلم يملك نفسه أن يواقعها، ثم ندم، وطلب الفقهاء، وسألهم عن توبته، فقال يحيى بن يحيى: صم شهرين متتابعين، فسكت العلماء، فلما خرجوا، قالوا ليحيى: مالك لم تفت بمذهبنا عن مالك أنه مُخير بين العتق والصوم والإطعام؟
قال: لو فتحنا هذا الباب، لسهل عليه أن يطأ كل يوم، ويعتق رقبة فحملته على أصعب الأمور لئلا يعود.