فيه دليل على ما أسلفناه أنه إذا أفرد كان للدفع والجذب وعليه محمل كلام القاموس وإن كانت عبارته عامة ولك أن تقول إنما اقتصر عليه؛ لأنه لا يكون الدفع إلا بعد الجذب فعبر باللازم قال ابن حجر (?) في فتح الباري: الاستنثار من النثر بالنون والمثلثة هو طرح الماء الذي يستنشقه المتوضئ أي يجذبه بريح أنفه سواء كان بإعانة يده أولاً، وعن مالك كراهة فعله بغير اليد؛ لأنه شبَّه فعل الدابة والمشهور عدم الكراهة وظاهر الأمر الوجوب للاستنثار وقد ذهب إليه أئمة، وأما وجوب الاستنشاق فالأكثر أنه يجب وقال آخرون: لا يجب؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي: "توضأ كما أمرك الله" وليس ذلك في الآية وأجيب بأن لفظ أمرك الله ليس خاصًا بما في الآية فإنَّ الله قد أمرك باتباع رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - ما توضأ إلا وتمضمض واستنشق ولأن في بعض روايات حديث الأعرابي ذكر الاستنشاق كما في جامع الأصول وأما هذا المأمور به هنا فقد علله بعلة خاصة هي قوله (فإن الشيطان يبيت على خياشيمه) في القاموس (?): الخياشم غراضيف في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ أو عروق في باطن الأنف انتهى. ومبيت الشيطان محمول على الحقيقة ولا مانع من ذلك أو على المجاز وأن المراد أنه يخذله ويكسله عن الطاعة حتى كأنه جاثم على خياشمه وهذا دليل مستقل على وجوب الاستنثار عند الوضوء بعد النوم (ق ن عن أبي هريرة) (?).

436 - " إذا استيقظ أحدكم فليقل: "الحمد لله الذي رد عليّ روحي وعافاني في جسدي، وأذن لي بذكره" ابن السني عن أبي هريرة (ح) ".

(إذا استيقظ أحدكم فليقل الحمد لله الذي رد علي روحي) لما كان النوم أحد الوفاتين كما قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015