(قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم) في رواية من بني إسرائيل. (أناس مُحَدَّثُونَ) قال القرطبي بفتح المهملة اسم مفعول جمع محدث وهو من ألقي في نفسه شيء علي جهة الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى أو من ألقى الصواب على لسانه أو من تكلمه الملائكة بلا نبوة أو من إذا رأى رؤياً أو ظن ظنا أصاب كأنه حدث به وألقي في روعه من عالم الملكوت فيظهر على نحو ما وقع له وهذه كرامة يكرم الله بها من يشاء من عباده. (فإن يك في أمتي منهم) أي من نوع المحدثين الماضين لا من أعيانهم أحد. (فإنه عمر بن الخطاب) قال القاضي: صورته صورة ترديد والمراد التأكيد كما يقول الرجل إن يكن لنا صديق فهو فلان وقال القرطبي في قوله: فإن يكن دليل على قلة وقوعه وندرته وعلى أنه ليس المراد بالمحدثين المصيبون فيما يظنون؛ لأنه كثير في العلماء بل وفي العوام من يقوى حدسه فتصح إصابته فترتفع خصوصية الخبر ومعنى الخبر قد تحقق ووقع في عمر قطعا وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجزم بالوقوع وقد دل على وقوعه أشياء كثيرة كقصة الجبل "يا سارية الجبل" (?) وغيرها وأصح ما يدل على [3/ 196] ذلك شهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وكان عمر يزن الوارد بميزان الشرع فإن وافقه وإلا لم يلتفت إليه هذا وتقرير القاضي أقرب، قال الحافظ ابن حجر (?): وقد كثر المحدثون بعد العصر الأول وحكمته زيادة شرف هذه الأمة بوجود أمثالهم فيها ومضاهاة بني إسرائيل في كثرة الأنبياء عوضوا كثرة الملهمين، والحديث فضيلة لعمر وإعلام بما يخبر به عن حدسه صحيح لا