العنيف، وفي القاموس (?): وذعه كمنعه خنقه حتى قتله والمراد هنا ما في النهاية بدليل قوله: (فرده الله خاسئًا ولقد هممت أن أوثقه) أشده بالوثاق وهو في الأصل حبل أو قيد يشد به الأسير أو الدابة. (إلى سارية) هي الاسطوانة. (حتى تصبحوا فتنظروا إليه) الفاء سببية لأن النظر إليه عند الإصباح سبب عن الإيثاق إلا أنه لم يشد بها أحد الأشياء الخمسة فالنصب بها هنا للفعل على لغة قليلة من باب: "والحق بالحجاز فاستريحا". (فذكرت قول سليمان: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] أي وإجابة الله له وطواه للعلم به إذاء المانع له هو إجابة الله الدعوة لا مجرد الدعوة.
فإن قلت: هذا الخلق الذي وقع منه - صلى الله عليه وسلم - تعذيب للشيطان وتصرف في إهانته فلم لم تمنعه دعوة سليمان عنه فإنه اختص بتعذيب الشياطين.
قلت: الذي اختص به ظهور ملكه لهم وتصرفهم على مرأى من العباد ومسمع كما دال عليه هذا الحديث، فإنه أخبر - صلى الله عليه وسلم - إنّما منعه عن الإيثاق المتسبب عنه نظرهم دعوة سليمان وهذا هو المناسب لقول سليمان (ملكًا) لأنّه يطلق على ما يظهر للعيون أثره ويبرز للناظرين شأنه. (فرده الله خاسئًا) من خسأ الكلب طرده والخاسئ من الكلاب والخنازير المنعة لا يترك إن يدنوا من الناس وفي الحديث دليل على إمكان رؤية البشر للشياطين وأنه تعالى جعل لهم قدرة على التشكل، فيكون قوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27] حكايته عن أصل خلقتهم وجبلتهم ويجوز خلافها بأقداره تعالى، وفيه دليل على أن الفعل الكثير لإصلاح الصلاة لا يبطلها لأنّه - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنه لم يقطع صلاته وأخبر أنه خنقه وهو ظاهر أن صلاته لم تفسد. (خ) (?)