والحال أنك الذي ليس كمثله شيء، والعيادة إنما هي بين المتجانسين، فعلى أي حال يتأتى للمربوب عيادة خالقه.
إن قلت: أما كان الأهم أن يسأل عن المرض لأنه سبب عيادته ولم يسأل عن كيفية العيادة التي هي متفرعة عن تقرر المرض؟
قلت: الأمر الذي وبخ عليه العبد ووجه إليه العيب على عدم فعله له هو العيادة التي هي متفرعة عن تقرر المرض. فالأهم تقصيه عما لامه ربه على تركه، ووبخه من أجله فهو الذي يتوجه إليه السؤال، ولأنه قد علم العبد أن رب العالمين لا يجوز عليه شيء مما يجوز على العباد من الأمراض والأسقام وما ذكر معه، إذ هي من عوارض الأجسام وصار هذا يقيناً عند العبد فعلم أنه قد أريد بإسناد المرض إليه تعالى معنىً مجازاياً، وأنه هذا الذي يعنيه السؤال عنه، ولأنه سؤال عن كيفية العيادة فيستفيد من جوابها معرفة المعنى المجازي الذي أريد بتركيب مرضت (قال أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده) أفاد أنه أريد بمرضت مرض عبدي فلان، وأن الكيفية المسئول عنها هي عيادة ذلك العبد الذي علم بمرضه وهو مجاز عقلي إسناد إلى السبب والقرينة عقلية وإيثار المجاز على الحقيقة ليفيد تعظيم شأن العيادة وما ذكر فيها. (أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده) لوجدت إثابتي ومغفرتي ورحمتي عند المريض (يا ابن آدم إستطعمتك فلم تطعمني) طلبت منك الأطعام فلم تفعل (قال يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين) هو كما سلف تقريره فإن المواد ليس الطعم ولا الاستطعام من شأنك فإنك تطعم ولا تطعم (قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه) بخلاً منك إذ لو كان عن عدم لكان عذراً لا غبار عليك (أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي) لم يقل لوجدتني عنده كما في الأول وذلك لعظم شأن العيادة وأنه يجد الأجر نفسه عند المريض كأنه ضالة قد أعدت عنده وبحضرته، ويأتي حديث ثوبان "من عاد مريضاً لم يزل في خرفة