بتحصيل العلم وليس واقفاً على الاختيار بل على سببه وهو الاستدلال والنظر وهو واقف على الاختيار وأكثر التكاليف ظنية وإنما يكلف بتحصيل أسبابها، فإن قلت فما أسباب الظن بأن الله سيغفر لي؟
قلت: منها النظر إلى سابق فضله حيث خلقك من المسلمين ووفقك للإسلام ثم ترادفت ألطافه المفضية بك إلى فعل كثير من الخير وترك الشرور وأنها لك بعد المعصية لعلك تستعتب وفتح باب التوبة، وحفظك لكتاب الله يعود عليك بركته ومواعظه بكرةً وأصيلا، وكذلك غيره من الوحي الذي بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنها كثيرة من أسمائه الحسنى، مثل الرحمن، الرحيم، الرؤوف، البر، الودود، الغفار، العفو، القريب، المجيب، ونحوها، وما تضمنته السنة من ذكر قضايا من المغفرة بأدنى شيء.
ومنها: أنه واسع المغفرة ولو ضايق العبيد بعض المضايقة لهلكوا, ولكنه لا يهلك على الله إلا هالك أي شأنه الهلاك لا علاج له.
ومنها: فضائل الأعمال التي أوتيت طرفاً منها مثل كلمة الشهادة وتلاوة القرآن وسائر الأذكار والصلاة والصيام والحج وغير ذلك.
ومنها: أن ترزق المحافظة على ما كلفت به من فعل أو ترك، لا سيما الاستغفار والتوبة على الدوام والإسراع إلى ذلك فإنك كالملثوغ وذلك ترياقه.
ومنها: أن يفتح الله عليك بذكره في قلبك ولسانك في كثير أوقاتك.
ومنها: ذكر الموت ومراقبة هجومه وأي سبب ذلك للإقبال على الله والإدبار عن الدنيا، وذلك من مثيرات الظن بالله أنه يريد بك الرحمة.
ومن حسن الظن: أنك تقبض على أحسن أحوالك فتصير جامعاً بين خوفك ورجائك للرب سبحانه.
ومنها: أن يسرك حسنتك وتسؤك سيئتك، فإن ذلك من علامة الإيمان.
ومنها: أن يرزقك حسن الظن به مع سوء ظنك بنفسك مما علمت من شرها