وفي رأس الثانية فإذا هو محمَّد بن إدريس الشافعي ثم نقل عن ابن السبكي كلامًا واعترضه ليس جديرًا بالنقل وتسويد وجوه الأوراق به وكذلك المصنف أتى بكلام طويل الذيل قليل النيل قد كنا نقلناه أولاً ثم رأينا الإضراب عنه ثانيًا.

وأجود ما يحمل عليه الحديث ما قاله ابن الأثير ونقله عنه المصنف أيضًا حيث قال: وذهب بعض العلماء إلى أن الأولى أن يحمل الحديث على العموم فإن قوله: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها" لا يلزم فيه أن يكون المبعوث رجلًا واحداً بل قد يكون واحدًا وقد يكون أكثر منه، فإن انتفاع الأمة بالفقهاء وإن كان انتفاعًا عامًا في أمور الدين فإن انتفاعهم بغيرهم أيضاً كبير مثل أولي الأمر وأصحاب الحديث والقراء والوعاظ وأصحاب الطبقات من الزهاد ينتفع بشيء ولا ينتفع بالآخر إذ الأصل في حفظ الدين حفظ قانون الرئاسة وبث العدل والتناصف الذي به تحقن الدماء ويتمكن من إقامة قانون الشرع وهذه وظيفة أولي الأمر وكذلك أصحاب الحديث [1/ 518] ينفعون بضبط الأحاديث التي هي أدلة الشرع والوعاظ ينفعون بالمواعظ والحث على لزوم التقوى ولزوم الزهد في الدنيا وكل أحد ينفع بما لم ينفع به الآخر فالأحسن والأجدر أن يكون الحديث إشارة إلى حدوث جماعة من الأكابر المشهورين على رأس كل مائة سنة يجددون للناس دينهم ويحفظونه عليهم في أقطار الأرض قال: لكن ينبغي أن يكون المبعوث رجلاً مشهورًا معروفاً مشارًا إليه من كل فن من هذه الفنون فإذا حمل تأويل هذا الحديث على هذا الوجه كان أولى وأشبه بالحكمة قال وقد كان قبل المائة أيضًا من يقوم بأمور الدين وإنما المراد بالذكر من انقضت المائة وهو عالم مشهور مشار إليه. انتهى كلام ابن الأثير ومثله قال الحافظ ابن كثير في البداية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015