(اللَّهم بارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا) هذه الثلاثة هي عمدة الإنسان وهي طرق الإيمان والكفر وهي التي سلب الله الكفار الانتفاع بها وجمع بينهما في قوله: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} [البقرة: 7] وهي التي امتن الله في قوله: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النحل: 78] الآية. وجمع الأسماع في الحديث مع إفراده في الآيات لأنه أريد به المسموع أي بارك لنا فيما نسمعه من العلوم فننتفع به ونتبع أحسنه فليس بمصدر هنا بخلاف الآيات فإنه فيها مصدر كما وجه له إفراده في كتب التفسير والبركة في الإبصار الانتفاع بالمبصرات والاعتبار بها والبركة في القلوب الانتفاع بها في النظر والاعتقادات الحقة، ويحتمل أنه أريد بارك لنا في نفس الحواس بسلامتها من الآفات نحو أحاديث: "متعنا بأسماعنا وأبصارنا واجعلها الوارث منا"، ويحتمل أنهما مرادان معًا (وأزواجنا وذرياتنا) وجمع بينهما هنا كما جمع بينهما في قوله تعالى: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74] وذلك لأنه لما كان عمدة الإنسان أهله وذريته فسأل الله أن يبارك فيهما وأن يجعلهما على وفق إرادته والانقياد لأمره والإعانة له في جميع شأنه ولأنه تعالى قد أخبر أن من الأزواج والأولاد عدوًا، وحذر عنهم فسؤال البركة فيما يهم الإنسان (وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم) لفظ قرآني في القاموس (?) تاب عليه وفقه للتوبة أو رجع به من التشديد إلى التخفيف أو رجع عليه تفضله وقبوله، التواب: اسم فاعل مبالغة أي كثير القبول لتوبة عبده يعصيه ثم يتوب عليه ثم يعصيه، ثم يتوب عليه أو بالنظر إلى كثرة التائبين من العباد وتعليل قبوله التوبة بأنه تواب رحيم من باب التوسل إليه بصفات عفوه ورحمته (واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين) هو كالتفسير لشاكرين والثناء هو الشكر (بها) بسببها أوصلة مثنين