والمعنى عرفنا طريق النجاة والسلامة من شر الدارين أو عرفنا طريق الجنة والأفعال الموصلة إليها كما قال الله تعالى في صفة القرآن: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16] (ونجنا من الظلمات إلى النور) الظلمات: الشرك والمعاصي، والنور: الإيمان والطاعات كما قال تعالى: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257] أي من الكفر إلى الإيمان أو نجنا من ظلمات الآخرة إلى النور الذي يعطيه أهل الإيمان المشار إليه [1/ 420] بقوله تعالى: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12] ونحوها وإطلاق النور على الإيمان والطاعات والظلمة على المعاصي والكفر إطلاق قرآني وحديثي فإما أن يكون من باب الاستعاذة وأن صاحبه يكون في نور من جميع جهاته كما سلف حديث: "اللَّهم اجعل في قلبي نورًا" والكفر يجعل صاحبه في ظلمات في جميع أحواله كما قال تعالى في صفة المنافقين: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ} [البقرة: 17] أو باعتبار أن يكون الإيمان نورًا حقيقة في النشأة الآخرى والكفر ظلمات فيها وقد فسره قوله تعالى: {وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13] بالظلمة وجمع الظلمات وأفرد النور على الأسلوب القرآني فإنه ما ورد فيه هاتان القرينتان إلا بجمع الظلمات وإفراد النور لازم مراد الجنس أو لأنه نوع واحد بخلاف الظلمة كما أفاده جار الله في تفسير سورة الأنعام، (وجنبنا) بعدنا (الفواحش) جمع فاحشة في القاموس (?): الفاحشة الزنا وما اشتد قبحه من الذنوب وكل ما نهى الله عنه وأريد هنا الأخير (ما ظهر منها وما بطن) مراد به ما في قوله تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} [الأنعام: 120] ما أعلنتم به وما أسررتم وقيل: ما عملتم وما نويتم وقيل: الظاهر الزنا في الحوانيت والباطن الزنا في أكثر أقوال في كتب التفسير.