المألوف من إحسانك الجم وإفضالك الذي عم والمراد إدامة المألوف لكنه عبر عنها بالرد إشارة إلى أن العبد بتقصيره في حق مولاه لا يستأهل إدامة نعمه فكأنه قد انتزعه منه فسأله رده عليه (وتعصمني) تمنعني (بها من كل سوء) هو عام لأسوأ الذنوب والأدواء من أمور الأولى والأخرى وفيه دليل لجواز سؤال العبد العصمة وتقدم قصة خلاف هذا، وهذه تسع طلبات وصف بها الرحمة المطلوبة (اللَّهم أعطني إيمانا ويقينا ليس بعده كفر) يحبطه فإن القلب إذا ملأه نور اليقين خرجت عنه ظلمة الكفر والمعاصي (ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة) أي تشريفك إياي بالكرامة التي أنالها (اللهم إني أسألك الفوز) هو النجاة (في القضاء) فيما قضيته وقدرته (ونزل الشهداء) بضم النون والنزل المنزل وما هيئ للضيف وهو يحتملها هنا (وعيش السعداء) في الأولى والأخرى (والنصر على الأعداء) بالحجة في المقال والغلبة في القتال (اللَّهم إني أنزل بك حاجتي) أطلبها منك (وإن قصر رأيي) أي في النظر فيما تستحقه ذاتك المقدسة ونعمك المفاضة من العبادة (وضعف عملي) عما يجب لك (افتقرت إلى رحمتك) جواب الشرط ولا مفهوم له (فأسألك يا قاضي الأمور) القضاء الفصل أي يا فاصل أمور الخلائق من قوله: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} [المرسلات: 38] ومنه قوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ} [يونس: 93] {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} [غافر: 20] والأمور شاملة لأمور الدنيا والآخرة (ويا شافي الصدور) من ألم الجهل بالعلم ومن ألم الشهوات بالقنوع والورع ومن ألم الاعتقادات الباطلة بالاعتقادات الحقة (كما يجير) بالجيم يجير أي يفصل (بين البحور) فلا يختلط أحدهما بالآخر ولا يمتزج به مع تلاصق المائين واتصالهما وهو إشارة إلى قوله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 19، 20] قال أئمة التفسير: هما البحران المالح والعذب يتصلان لا فصل بين المائين في رأي العين وبينهما برزخ من قدرة الله لا يمتزج أحدها بالآخر أن (تجرني) تمنعي (من