قال أبو داود - رحمه الله تعالى - رأيتُ أحمد يرفع يديه عند الركوع، وعند الرفع من الركوع كرفعه عند افتتاح الصلاة يحاذيان أذنيه، وربما قصر عن رفع الافتتاح، وقال حنبل: سمعتُ أبا عبدالله، وسأله رجل عن رفع اليدين في الصلاة؟
فقال: يُرْوَى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه، وعن أصحابه أنهم فعلوه إذا افتتح الصلاة، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، قلت له: فبين السجدتين؟ قال: لا، قلتُ: فإذا أراد أن ينحط ساجدًا؟ قال: لا، فقال له عباس العنبري: يا أبا عبدالله، أليس يُروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه فعله؟ قال: هذه الأحاديث أقوى وأكثر.
وهذه الرِّواية هي أشهر الرِّوايات عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - وعليها جماهير الحنابلة قديمًا وحديثًا، وهي المذهب عند المتأخرين منهم، وحكاها الترمذي في جامعه عن أحمد، ولم يحك عنه غيرها، والأدلة عليها من الأحاديث الصحاح والحسان كثيرة جدًّا، وليس هذا موضع ذكرها.
وقد تقدم إيراد جملة منها في التنبيه السادس.
الرواية الثانية: أنَّ الرفع في أربعة مواضع في الثلاثة التي تقدم ذكرها، والرابع إذا قام من التشهد الأول.
وهذا اختيار الإمام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيميَّة، وجده أبي البركات، وصاحب الفائق، وابن عبدوس في تذكرته، قال ابن مفلح في "الفروع": وهو أظهر، وكذا قال حفيده في "المبدع"، وقال المرداوي في "الإنصاف": وهو الصواب، وذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيميَّة - رحمه الله تعالى - أنه قولُ طائقة من