مسألة وضع الصداق، اختلف الشيوخ هل قول ابن القاسم (?) بإجازة وضع الأب من الصداق على وجه النظر قبل الطلاق والدخول؟ وهل (?) هو مخالف لقول مالك: "لا يجوز أن يضع منه إذا لم يطلقها":
فذهب بعضهم إلى أنه خلاف؛ إذ لا يشترط فيه بعد الطلاق نظراً (?)، ولأن الحكمة في ذلك الحض على الإحسان وكرم الأخلاق، وأن الزوج حين طلقها قبل أن يصل منها إلى مرغوبه فمكارم الأخلاق تقتضي ألا تأخذ منه ما كان بذل لها مما فاته منها وتتنزه عنه وتتركه له كما تركها، لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} (?)، وهن الزوجات، إذ هذه صيغة جمعهن. والمراد به - والله أعلم - المالكات أمرهن. ثم قال: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (?)، وهو - عندنا - المالك أمر من يلي عليه، كالأب في البكر، والسيد في الأمة، لأنه خطاب لغير الأزواج المخاطبين بالمواجهة أول الآية، فدل أن المراد غيرهم، فندبوا لمثل ذلك (?). والمراد عند غيرنا (?) بهذا الأزواجُ؛ ندبوا أيضاً لذلك إذا طلقها وفوتها ما رجته منه، فكان من مكارم الأخلاق والإحسان ألا يسترد منها ما أسقطه عنه الشرع مما كان بذل لها عن معاشرتها التى تركها من قبله. وقوله: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (?)، يشعر بصحة/ [ز 84] التعليل الذي ذكرناه، كما أمر الزوج بالمتعة في الوجوه الأخر، وجعله حقاً على المتقين وعلى المحسنين تسلية عن الفراق. وإن كان شيوخنا - رحمهم الله - لم يصرحوا بما قلناه