مسألة من أدخل بيته ما جد من نخله (?) أو ضم من كرمه أو زرعه، والروايتان المنصوصتان عن مالك في الكتاب وكلامُ ابن القاسم في ذلك. اختلف المتأولون والشارحون على حقيقة مذهب مالك في المسألة وصحيح قوله فيها؛ لأنه قال مرة: هو ضامن إذا أدخله منزله (?). ومرة قال: إذا أخرج زكاته قبل أن يأتيه المصدق فضاع فهو ضامن (?). وقال في المال: إذا لم يفرط لم يضمن (?). ثم قال: إذا لم يفرط في الحبوب لم يضمن (?).
فذهب بعض شيوخ القرويين إلى أنه يحتمل ألا يكون خلافاً، وأن الرواية المطلقة بالضمان ترد إلى المقيدة بإدخاله بيته، وأن ابن القاسم بزيادته الإشهاد (?) غيرُ مخالف له؛ إذ يحتمل أن يشهد ليسقط عنه الضمان ثم يأكله، وأن مقتضى قول ابن القاسم بالإشهاد سواء في الأندر أو بعد إدخاله بيته، وأن مالكاً يسوي بين أشهد أو لم يشهد. والمخزومي يبرئه وإن لم يشهد (?). وإلى نحو هذا المأخذ نحا أبو عمران.
وحمله غيره من شيوخ الأندلسيين على أن قولي مالك مختلفان؛ أحدهما على الإطلاق متى لم يفرط لم يضمن، أدخل ذلك منزله أم لا، أشهد أم لا، كالدنانير. والآخر: يضمن متى أدخله منزله، أشهد أم لا، وأن قول المخزومي موافق للأول، وقول ابن القاسم مخالف للقولين معاً، ويشترط الإشهاد. وسواء ضاع عنده كله أو العشر لا ضمان عليه وإن أدخله منزله. وإلى هذا نحا شيخنا أبو الوليد رحمه الله (?)، وتردد نظره في ساعي نفسه لو ضيع ذلك هل يضمن إذا لم يدخله بيته للحرز أو لا يضمن كالدنانير؟.