قالوا: بل أمره -صلى الله عليه وسلم- كافٍ في عدم جواز تخليلها لأنه لو جاز لبين جوازه؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، كما قال في حق الشاة الميتة: "هلا دبغتم جلدها فانتفعتم به" كيف والأصحاب يدعون مالية الخمر دون مالية الميتة، وقد "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن إضاعة المال" فلو جاز تخليلها لما أمر بإراقتها.
وقد أجيب عن هذا: بأن ذلك كان في الابتداء لينزجر الناس عنها وينتهوا عن شربها، وهذا الجواب فاسد، فإن الناس اليوم أحوج إلى شرع مثل هذا الزاجر من أهل ذلك الزمان، فإن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا أقرب إلى الانتهاء بمجرد النهي ممن بعدهم، ألا ترى "أن عمر -رضي الله عنه- زاد في حد الشرب إلى ثمانين" للزجر، ورأى أن أقل من ذلك لا يزجرهم لما رأى من حالهم، وأيضًا فإن المحرم لما نهي عن قتل الصيد لم يكن قتله ولا ذبحه إياه مبيحًا له فكذلك تخليل الخمر.
قوله: (فصل في طبخ العصير إلى آخره).