قال: أفلا نجعلها خلاً؟ قال: لا"، رواه أحمد وأبو داود. وعن أبي سعيد قال: "قلنا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما حرمت الخمر: إن عندنا خمرًا ليتيم لنا؟ فأمرنا فأهرقناها" رواه أحمد.
وهذه نصوص في المسألة لا تصح معارضتها بما ذكره المجوزون أصلاً، فإن حديث "إن الدباغ يحل من الميتة كما يحل الخل من الخمر" لا تقوم به حجة، والحديث الذي فيه مدح خل الخمر ضعيف أيضًا، ولو ثبت يحمل على خل خمر تخللت بنفسها، والحديث الذي ذكره المصنف وإن كان صحيحًا فلا معارضة بينه وبين نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تخليل الخمر بل يج حمله على خل لم يكن أصلها خمرًا، أو كان أصلها خمرًا وتخللت بنفسها للجمع بين الحديثين، والفرق بين تخليل الخمر ودباغ جلد الميتة أن جلد الميتة لا محذور في إمساكه للدبغ، فإن الطباع تنفر من الميتة فلا يخاف مقارفتها بخلاف الخمر فإن الطبع قد يميل إليها، والشيطان لم يمت بعد فيخاف مقارفتها فيجب مفارقتها بإراقتها، والأمر فيها بالاجتناب منصوص عليه ونهيه عن تخليلها دليل على أن ذلك لا يصلحها، ولو كان إلى إصلاحها سبيل لم يجز إراقتها، بل كان أرشدهم إليه لاسيما وهي لأيتام يحرم التفريط في أموالهم، وقد تقدم نقله عن عمر -رضي الله عنه- ولا يعرف له مخالف من الصحابة فنزل منزلة الإجماع.