قد تقدم التنبيه على أن الشارع سوى بين المسكر من عصير العنب وبين غيره من المسكرات فطبخ العصير لا يفيد شيئًا بعد ثبوت ذلك، وأما ما روي عن عمر -رضي الله عنه- "أنه لما قدم الشام وأراد أن يطبخ للمسلمين شرابًا لا يسكر كثيره، طبخ العصير حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه وصار مثل الرب فأدخل فيه إصبعه فوجده غليظًا، فقال: كأنه الطلاء، يعني الطلاء الذي تطلى به الإبل، فسموا ذلك الطلاء. فهذا الذي أباحه عمر -رضي الله عنه- لم يكن يسكر ولكن نشأت شبهة/ من جهة أن هذا المطبوخ قد يسكر من جهة ما يضاف إليه من الأفاويه وغيرها مما يقويه ويشده حتى يصير مسكرًا أو من جهة أنه ربما يكون لبعض البلاد طبيعة يسكر فيها ما ذهب ثلثاه فيحرم إذا أسكر فإن مناط التحريم هو السكر لما تقدم، ولم يثبت عن عمر -رضي الله عنه- ولا غيره من الصحابة -رضي الله عنهم- أنه أباح قليل مسكر ولا كثيره، والله أعلم.
* * *