صح أن يقال: إن المالك بالسكنى في داره قد استوفى منفعتها، فإذا أخرجه الغاصب منها وسكنها فقد استوفى منفعة الدار واستهلكها وأتلفها على مالكها، وإن لم يسكنها فقد فوتها على مالكها حتى تلفت وهلكت فصار بمنزلة من غصب عينًا فتلفت في يده، ولو تلفت العين في يد الغاصب لضمنها فكذلك المنفعة.

وجواب ما ذكره من نفي الإتلاف قبل وجود المنفعة ومع وجودها وبعده أن قول من قال من أهل الكلام المذموم أن العرض لا يبقى زمانين قد رده طائفة من العقلاء، وقالوا: إن العرض يقبل الامتداد والاقتصار وتظهر قوة هذا القول في الألوان ونحوها، فإن سواد الأسود وبياض الأبيض لا يتغير بتغير اللحظات، والناظر إليه يعلم أن سواده وبياضه باق عليه ما دام متصفًا بصفة السواد والبياض.

وكذلك من سكن دارًا سنة فما لم ينتقل عنها هو ساكن فيها، والقول بأنه يتجدد له الآنات التي لا تحصى- سكنى متغايرة يستحيل عليها الضبط، يأباه العقل السليم كما يأبى ما ادعوه من تركيب الأجسام/ من الجواهر المفردة وكل هذا من باب التدقيق الذي ليس معه تحقيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015