فالمسألة مسألة نزاع بين العقلاء ليست من مسائل الإجماع، وسواء قيل بتعدد المنافع بتجدد أمثالها أو أنها تمتد وتقتصر، فالإتلاف غير ممتنع التصور فيها فإن الإتلاف عرض أيضًا فيتصور تقابلهما، فسكناه الدار بمنزلة أكله الطعام كلاهما قد فوت فيه على المالك منفعة ملكه إلا أن الدار ينتفع بها مع بقاء عينها.
والمأكول ينتفع به مع ذهاب عينة فلا يقوى الفرق بين بقاءة العين وذهابها في مقابلة الجمع بفوات المنفعة فيهما، إذ المراد النفع في كل منهما؛ لأن الأعيان إنما تراد لمنافعها فحاجة الآدميين في الحقيقة إلى منافع الأعيان لا إلى ذواتها من حيث هي ذوات، ولولا ذلك لاستوى التراب والنار، والماء والذهب وسائر الذوات المخلوقة في حق الآدمي.
قوله: (فإن غصب من مسلم خمرًا فخلها أو جلد ميتة فدبغة، فلصاحب الخمر أن يأخذ الخل بغير ثمن، ويأخذ جلد الميتة ويرد عليه ما زاد الدباغ فيه ... إلى أخره).
سيأتي الكلام على ما في تخليل الخمر في كتاب الأشربة- إن شاء الله تعالى- وأما جلد الميتة فينبغي أنه لا يجب عليه رده كما هو مذهب؛ لأنه ليس بغاصب لأن الغصب إنما يتحقق في مال متقوم محترم كما حده به