وهذا يشبه أن يكون من باب الجدل المذموم في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل»، ثم تلا: {ما ضربوه لك إلا جدلًا بل هم قوم خصمون} رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

وإنما قلت: إن هذا يشبه الجدل المنهي عنه؛ لأنه إذا كان إتلاف المنافع لا يتصور، فلا يتصور الانتفاع بالأشياء المنتفع بها، والانتفاع بها معلوم تصوره بالضرورة، والضرورة لا يقدح فيها بالنظر، فإن الضرورة إذا خالفت النظر دل على أن ذلك النظر مغلطة ليس بنظر صحيح، ولا شك أن من سكن دارًا سنةً مثلًا فقد استوفى منفعتها في تلك المدة واستهلكها.

وكذلك من ركب دابة يومًا فقد استوفى منفعتها، وكذلك من استخدم عبدًا أو استغل مرنة، ونحو ذلك، ولا يصح أن يقال: متى استوفى منفعة ركوب الدابة لا جائز أن يكون قبل الركوب ولا معه ولا بعده، وكذلك منفعة السكنى لا جاًئز أن يقال إنه لم يستوف منفعة سكنى الدار؛ لأنه لا يجوز أن يكون مستوفيًا لها قبل السكنى أو معها أو بعدها، فإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015