يُسبق إلى مثلِه، ولم يُنسج على منواله، وأهلُ زمانه وغيرهم شديدُو الحاجة إليه وكلّ المذاهب تعتَمد في الاستدلال عَليه" (?)، فقام بتخريج أحاديث هذا الكتاب وآثاره، مرتِّباً إيَّاها ترتيبَ شرح الرّافعي، معزوَّةً إلى مخرِّجيها من أصحاب الصِّحاح، والسّنن والمسانيد، وكُتب الصَّحابة، ناظراً في ذلك في كتب الأسماء تجريحاً وتعديلاً، وكتب العلل والمراسيل، وكتب الأطراف، وكتب الأحكام، وكتب الخلافيَّات الحديثيّة، والأمالي، والنّاسخ والمنسوخ وشروح الحديث والغريب، وغير ذلك كثيراً عدَّدَها في ديباجة كتابه (?)، وسَمّاه: "البدر المنير في تخريج الأحاديث الواقعة في الشّرح الكبير"، إلّا أنّه طوّله بذكر ما لَيس مِن مقصود التخريج، كَسوْق الأسانيد بكاملها، وعدمِ جمعها في مكان واحدٍ، وإعادةِ ذكرِ لفظ الحديث عَقِب كلِّ من خرَّجه، والإطالة في شرح الغريب، وبيان الأمكنة، وما إلى ذلك، فرأى الحافظُ ابن حجر قيامَ الحاجةِ إلى تلخيصه والنَّظر في الأعمال السَّابقة لَضمِّ فوائدها إليه، وزيادة تحريرٍ لبعض مسائله وأحكامِه، فوضع كتابَه "التَّمييز في تَلخيص تخريج أحاديث شرح الوَجيز" فَجاء حاوياً لمعظم ما يستدلّ به الفقهاء في المسائل الفرعيّة، وعوَّل عليه كَثيرٌ ممن جاء بعده، ونقلوا تخريجاته وأحكامه في كتبهم.

لكن مع هذه القيمة العلميّة لهذا الكتاب، وشهرته بين الباحثين في الحديث والفقه، فإنّه لم يأخذ مكانه اللّائقَ به، ولم يُخدَم بما يضبط نصوصَه، ويوثِّق نقولَه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015