وقد طُبع الكتاب طباعةَ حجريَّةً بالهند عام 1303هـ، ثمّ طُبع بتحقيق السيّد عبد الله هاشم اليماني، بالقاهرة 1384هـ في أربعة أجزاء في مجلَّدين، ثمّ توالت بعد ذلك طبعاتُ الكتاب متفاوتةٌ في العناية بنصوص الكتاب وضبطها وتوثيق أحاديثها وعَزْوها، وهي كلُّها راجعةٌ إلى طبعة اليماني غير معتمِدةٍ على نُسَخِ الكتاب الخطِّيّة. وأجود هذه الطّبعات طبعةُ مؤسّسة قرطبة بعناية الأستاذ أبي عاصم حسن بن عبّاس بن قُطب، الّتي صدرت عام 1416، وقد بذل الأستاذ أبو عاصم جهدًا يُشكر عليه في سبيل توثيق كثيرٍ من أحاديثها وآثارها، ومع ذلك بقي عملُه يَعوز ضبطًا وتحريرًا، وبخاصّة أنّ الأستاذ لم يَعتمد -فيما يبدو- على نسخٍ خطيّة، وإنما بَنى عملَه على بعض الطّبعات السّابقة للكتاب، ومنها الطّبعة المصريّة كما نصّ عليه في مقدمة عَمَله، فكان هذا باعثًا قويًّا على إعادة إخراج الكتاب وتحقيق نُصوصِه في صورةٍ تُناسبه، ليتبوَّأ منزلته اللّائقة به بين كُتب التّراث الحديثية.
وقد عملتُ في سبيل تحقيقه على النّحو التالي:
* قابلتُ طبعةَ اليماني على النّسخ الخطيّة للكتاب؛ لتصحيح ما فيها من أغلاطٍ وتصحيفاتٍ، واستدراكِ ما وَاقعها من سَقْط وتحريفات.
* أثبتُّ أهمَّ ما في تلك النّسخ الخطيّة من فُروق، تاركًا ما لم يكن ذَا أثرٍ منها، ولا سيّما أنّ الفوارقَ بين تلك النّسخ قليلةٌ، مِمّا دَلّ على أصالتها، واهتمام نُسَّاخِها بضبط نصوصها.
* أثبتّ مَا صحّ في الأصل من نسخة القرويين، دُون الإشارةِ -غالباً-إلى مَا وقع في بعض النّسخ مما يكون خطأً لازمًا غيرَ محتمَل. ورقَّمتُ أحاديثَه وآثاره ترقيمًا مُتَسلْسِلًا، مَع تمييز المنقول مِن الرّافعي بأرقامٍ خاصَّة.