. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQفاستغاثتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم في قولهم: " قوموا بنا نستغيث برسول الله " استغاثة به يقدر عليه، لكن النبي - عليه الصلاة والسلام - علمهم الأدب في ذلك، وعلمهم الأكمل في ذلك؛ حيث قال: «إنه لا يستغاث بي إنما يستغاث بالله» .

وحقيقة الاستغاثة على وجه الكمال، إنما هي بالله جل وعلا لا بنبيه صلى الله عليه وسلم، فكأنه حصل منهم نوع التفات للنبي عليه الصلاة والسلام فيما يقدر عليه، فبين لهم: أن الواجب عليهم أن يستغيثوا بالله - جل وعلا - أولا؛ فقال: " إنه لا يستغاث بي "، وهذا نفي فيه معنى النهي، يعني: لا تستغيثوا بي، بل استغيثوا بالله في هذا الأمر، وإذا أغاثهم الله جل وعلا كف شر ذلك المنافق عنهم.

وقد أعل بعض العلماء هذا الحديث بأن في إسناده ابن لهيعة، وحاله معروف. لكن إيراد أئمة الحديث للأحاديث التي قد يكون في إسنادها بعض مقال في مثل هذا المقام: لا بأس به، بل فعلهم هذا صواب إذا كان ما في الحديث من المعنى قد عضدته الأدلة من القرآن ومن السنة، كما في هذا الحديث؛ فإن قوله عليه الصلاة والسلام: «إنه لا يستغاث بي إنما يستغاث بالله» قد دلت عليه الآيات التي سلفت، وهذا الذي درج عليه صنيع الراسخين في العلم من أهل الحديث، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلام له في (الفتاوى) ؛ قال: أهل الحديث لا يستدلون بحديث ضعيف في أصل من الأصول، بل إما في تأييده يعني: في تأييد ذلك الأصل أو في فرع من الفروع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015