. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوهذا هو صنيع الشيخ - رحمه الله - أيضا في هذا الكتاب؛ فإنه يستدل بأحاديث هي من جهة المعنى الذي اشتملت عليه صحيحة - كما سبق إيضاحه - وقد ساق شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الحديث مستدلا به في رده على البكري المعروف بـ (الاستغاثة) أعني: كتاب (الاستغاثة الكبرى) ، أو (الرد على البكري) ، وقال إن هذا الحديث هو معنى ما جاء في النصوص.
فقوله عليه الصلاة والسلام: " إنه لا يستغاث بي " يعني: لا تستغيثوا بي، وإنما استغيثوا بالله؛ لأن لفظ (يستغاث) تقدمه نفي، والمراد منه: النهي.
وهذا الباب ظاهر المناسبة لما قبله ولما بعده أيضا في أن الاستغاثة بغير الله نوع من أنواع الدعاء، وأن الدعاء عبادة، وأن الاستغاثة عبادة، وصرف العبادة لغير الله جل وعلا: كفر وشرك.
ومما يدل على أن الدعاء عبادة قول الله جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} [البقرة: 186] [البقرة: 186] ، وقوله: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] يدل على أن إجابة الدعوة تكون برفع المكروه، أو بمنع وقوعه، وتكون أيضا بالعطاء، والإثابة فيما إذا عبد، فيجيب الدعوة بإعطاء السائل سؤله، ويجيب أيضا الدعاء بإثابة الداعي العابد على عبادته؛ ولهذا يفسر السلف الآيات التي فيها إجابة الدعاء ونحو ذلك: بأن فيها إعطاء سؤل السائل، وإثابة العابد؛ لأن الصحابة والسلف: يعلمون أن الدعاء يشمل هذا وهذا. وقوله: {إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] يعني: إذا سألني، أو عبدني، مع أنها في السؤال ظاهرة، وفي الدعاء بينة.