يتوصل إليه بالتقليد كما قلنا، أو بالاستدلال كما قلتم: لا يجوز القول بأنه يتوصل بالاستدلال، لأنه لا يخلو أن يقال: إنه يلزمه التعليم، عند كمال عقله حتى يصير من أهل الاجتهاد، فيعلم حكم الحادثة، أو يسأل عنه وجود الحادثة عن أدلة الحكم فيها، فيجتهد حينئذ في ذلك لا يجوز الأول، لأنه قول يوجب تعلم العلم على كل المكلف، والإجماع منعقد على أن التفقه فرض على الكفاية، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، ولأن في إيجاب ذلك إهمال لأمور الدنيا وإفساد حالها، وما أحد أوجب ذلك ولأنه ليس كل من تفقه صار من أهل الاجتهاد على ما نجد عليه كثيراً من أهل زماننا، وأيضاً فما يصنع إذا نزلت به حادثة في حال تعلمه قبل أن ينتهي إلى حال الاجتهاد؟
وما الجواب إن فرط فلم يتعلم ثم نزلت به حادثة في عباداته أو نكاحه أو طلاقه، ابتدأ بالتفقه وحدثت الحادثة؟ ولا يجوز الثاني، لأنه إذا سأله عن الأدلة ليستدل بها، فإنه لا يمكنه ذلك إلا بعد أن يعرف وضع الخطاب في اللغة والشرع، وكيفية الاستدلال به، وأنه خال عن نسخ وتخصيص وغير ذلك، ويعرف القياس