وشروطه، فإن رجع إلى العالم في ذلك فقد [قلده]، فإن فحص عن الأخبار [ووجوه] المقاييس وترتيب الأدلة، لم يتمكن من ذلك إلا في زمان طويل يضيق عنه زمان الحادثة، وقد لا يمكنه إذا فحص وعرف ذلك أن يجتهد ويرجح، وكثير من أهل الحديث يعرفون الأحاديث صحيحها وسقيمها، ثم لا يمكنهم الاجتهاد. فإذا بطل طريق الاستدلال لم يبق للعامي طريق إلا التقليد.
ودليل آخر: أن العالم يجوز له الرجوع إلى أهل الحديث في الخبر، وكون سنده صحيحاً أو فاسداً، ولا يلزمه أن يتعلم ذلك بالإجماع، فأولى أن لا يجوز للعامي تقليد العالم لوجهين: أحدهما: أن العالم أقوى على ذلك من العامي، لأنه قد تعود الرياضة في معرفة العلوم وحفظها. والثاني: أن تعلم ذلك أيسر من تعلم الفقه وترتيب أدلته.
واحتج الخصم: بأنه لما لم يجز للعامي التقليد في الأصول كذلك في الفروع.
والجواب: أنه جمع بغير علة، على أن مسائل (الفروع) يطلب فيها ما يغلب على ظنه أنه الحق، وذلك يحصل للعامي بقول المفتي كما يحصل للعالم بخبر الواحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وجواب آخر: أن مسائل الأصول من التوحيد والنبوات طرقها