هو أيضاً قادراً، وكانا يقدران على خلق غيره وهو يعلم أنهما لا يقدران، فيعلم أن له خالقاً من غير جنسه، وخلق أبويه، ثم يرى إنعامه عليه (بإكماله)، وتسخير ما (يسخر له) من المآكل والمشارب والأنعام، وغير ذلك، وأقداره عليهم، ويخطر له: (أنه) إن لم يعترف له بذلك ويشكره، أنه يعاقبه، وإذا جوز ذلك، وجب عليه في عقله دفع الضرر والعقاب، بالتزام الشكر.
فإن قيل: كم يجوز أن يخطر (له) ما ذكرتم، يجوز أني خطر له أن له خالقاً. أنعم عليه، وأنه غني عن شكره وجميع ما يتقرب به إليه، ويخاف متى تكلف له ذلك أن يسخط عليه، ويقول: من أنت حتى تقابلني بالشكر، وتعتقد أنه جزاء نعمتي؟، وما أصنع (يشكر) مثلك؟ ونحو ذلك، وفي هذا ما يمنعه عن التزام شيء من جهة عقله.
والجواب: أن العاقل مع اعترافه بحكمة خالقه لا يتوهم أنه يسخط على من شكره وتذلل له، وتضرع إليه، وإن كان غنياً عن ذلك، لأن الذي بعثه على الشكر ليس هو اعتقاد حاجة خالقه إلى (شكره)، ولا أن شكره يقوم بإزاء النعمة عليه فيمتنع لعلمه