الجهمية، وهذا يخرج وجوب معرفة الله تعالى، هل هي واجبة بالشرع حتى لو لم يرد لم يلزم أحداً أن يؤمن بالله ولا يعرف وحدانيته، ووجوب شكره أم لا؟ فمن قال: يجب بالشرع، يقول: لا يلزم شيء من ذلك لو لم يرد الشرع، ومن قال بالأول، قال: يجب على كل عاقل الإيمان بالله والشكر له.
وجه ذلك: أنه لو لم يكن في العقل إيجاب وحظر لم يتمكن المفكر أن يستدل على أن الله تعالى لا يكذب خبره، ولا يؤيد الكذاب بالمعجزة، إذ لا وجه في العقل لاستقباحه وخروجه عن الحكم قبل الخبر عندهم، وإذا كان كذلك لم يأمن العاقل كون كل خبر ورد عليه أنه كذب، وكل معجزة رآها أن يكون قد أيد بها الكذاب المتخرص وفي ذلك يمنع الأخذ بخبر السماء (والأنبياء وبمعجزات) النبوة الدالة على صحتها، ولما وجب اطراح هذا القول (والاعتقاد) بأن الله جلت عظمته/204 ب منزه عن الكذب ومتعال عن تأييد المتخرص بالمعجز، ثبت أن ذلك إنما (قبح في العقل) وامتنع في الحكمة.
ودليل آخر: أنه غير ممتنع أن يخطر للعاقل أنه لم يخلق نفسه، ولا خلقه من هو مثله من أبيه وأمه إذ لو كانا قادرين على ذلك، لكان