بغناه عن ذلك، وإنما الباعث له حسن الشكر والتذلل والتعظيم للمنعم في بداية العقول، (والحكيم) لا يسخط ما هذه سبيله، فإذا قد أمن عاقبة الإقدام على الشكر ولم يأمن عاقبة العقاب على تركه، فوجب في عقله توخي ذلك، وصار مثال ذلك، أن يقال للعاقل في الطريق مفسدون يأخذون المال، ويقتلون النفس، (وسباع) تفترس الآدمي، ولا يقال له: أنت ما معك قليل (نزر)، والمفسدون قد استغنوا (عنك) بما قد أخذوا فلعلهم لا يعرضون لك (أنفة من قلة متاعك، والسباع قد افترست جماعة قد شبعت، فلعلها لا تعرض لك) فإن في العقل يجب عليه التوقف عن سلوك (ذلك) الطريق، لا الإقدام عليه، كذلك ها هنا.
ودليل ثالث: أنه لو (لم) يكن في قضايا العقول (إلزام وحظر) لأمكن العاقل أن لا يلزمه شيء أصلاً، لأنه متى قصد بالخطاب سد سمعه، فلم يسمع الخطاب كما أخبر/205 أ (الله