واحتج: بأن هذه الأعيان ملك الله تعالى، له أن يمنع من الانتفاع (بها) وله أن يوجب الانتفاع بها، وقبل مجيء الشرع لا مزية لأحد الوجهين على الآخر (فوجب) الوقف.
والجواب: أنا قد بينا أن للانتفاع مزية وحسنا، ثم يجب أن نقول: حكم الله فيها إما الإباحة أو الحظر، ولا نقول حكم الله تعالى فيها الوقف، ثم يبطل عليك هذا بتنشق الهواء والتحرك في الأماكن وسد الرمق، فإنك قد أبحت الانتفاع به قبل إذن المالك.
(واحتج) بعضهم بقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} فأنكر على من حلل وحرم بغير إذنه.
والجواب: (أن هذا إنكار) على من حرم، لأنه لما أنزل (لنا) رزقاً كان مباحاً فتحريمه افتراء، ثم هذا إنكار على من فعل ذلك برأيه من غير دليل، ونحن نقول: هذا فعله بدليل عقلي، ولأن القائل بالوقف لم يأذن الله له سبحانه، فهو داخل في جملة المنكر عليهم (والله أعلم).