وكذلك (إيلامنا) بالفصد، والحجامة، وما أشبه، فعلى قوله (يمنع) أصل الدليل، وقد قيل: إن الشرع (يرد) بما لا يقتضيه العقل، إذا كان العقل لا يحيله/203 ب كتكليف ما لا يطاق وإن الله سبحانه يريد جميع أفعال العباد حسنها وقبيحها، ويعاقبهم في القبيح، وغير ذلك، ثم يبطل هذا بالوقف، فإنه قد ثبت عندكم، ثم يجوز مجيء الشرع بخلافه.
واحتج: بأن الشرع ورد بتحليل أشياء وتحريم أشياء، فلو كانت جميعها مباحة لما ورد إلا بالتحريم، إذ وروده بالإباحة لا يفيد، وكذلك لو كانت جميعها محظورة لما ورد دالاً بالإباحة كما ذكرنا، فثبت أنه لا حكم لها في العقل.
والجواب: أن هذا دعوى (من قال): أنه إذا ثبت في العقل شيء (لا يرد الشرع به)، ويكون فائدة ذلك تأكيده، ومعاضدته، وهل يرد الشرع إلا بمطابقة العقل، ولهذا (قد) ذكرتم في الدليل قبل هذا: إنه لا يجوز أن يرد الشرع بما يخالف العقل، وهذا مناقضة، ولهذا وردت الآيات بإباحة هذه الأعيان، وقد تقدم ذكرها.