حدث يجوز له المخالفة، فإذا مات غيره لم أسقطت قوله، وما كان (يجوز له)؟ احتج من نصر القول الأول بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (ومن) منع رجوعهم جعلهم شهداء على أنفسهم.
الجواب: إن هذا يقتضي أن يكونوا شهداء على أنفسهم وعلى غيرهم، لأنهم (كلهم) من الناس.
جواب آخر: إنهم (إنما كانوا) شهداء على غيرهم، لأن ما يجمعون عليه صواب، ولا يجوز أن يكون صواباً في حق غيرهم، ولا يكون صواباً في حقهم.
جواب آخر: أنه لو ثبت أن الآية تدل على أنهم شهداء على غيرهم، فليس فيها ما يمنع من شهادتهم على أنفسهم، بل من جهة التنبيه يقتضي أنه إذا قبل قوله على غيره، فعلى نفسه أولى، وقد ورد القرآن بالشهادة على النفس، قال تعالى: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} وقال تعالى: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} ويقال شهدت على نفسك بالزنا والفسق، وعلى أن الآية قيل (المراد بها): شهادة هذه الأمة على سائر الأمم في المعاد، فلا تحمل على مسألتنا.