قال الشيخ: (وقد اختلف العلماء في إمكان ثبوته وأرجح الأقوال في ذلك رأي شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في العقيدة الواسطية: " والإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة ").
والراجح أن انعقاد الإجماع لا يختص بالصحابة لشمول الأدلة التي سبق وأن سقتها في بيان حجية الإجماع للصحابة وغيرهم.
الشرط الأول - قال الشيخ - رحمه الله -: (أن يثبت بطريق صحيح بأن يكون إما
مشهوراً بين العلماء، أو ناقله ثقة واسع الإطلاع).
- والمقصود أن يكون واسع الإطلاع بالمسألة التي نقل فيها الإجماع.
ولعل مقصود الشيخ بهذا الشرط أن ينبه على مسألة ينبغي التفطن لها، وهي مراعاة اصطلاح ناقلي الإجماع، وذلك إما تصريحهم بمذهبهم، أو عن طريق تتبع ما ينقلوه من إجماعات، فالبعض يطلق الإجماع ويريد إجماع أهل مذهبه أو أهل بلده أو إجماع الأئمة الأربعة، ومنهم من لا يعتد بخلاف الظاهرية، ومنهم من يعتد بخلاف الزيدية، وغير ذلك من الاصطلاحات.
الشرط الثاني - قال الشيخ: (ألا يسبقه خلاف مستقر فإن سبقه ذلك فلا إجماع لأن الأقوال لا تبطل بموت قائليها، فالإجماع لا يرفع الخلاف السابق، وإنما يمنع من حدوث خلاف، هذا هو القول الراجح لقوة مأخذه وقيل لا يشترط ذلك فيصح أن ينعقد في العصر الثاني على أحد الأقوال السابقة ويكون حجة على من بعده).
وكلام الشيخ هنا هو الراجح فإن كانت الأقوال باقية فلا يصح إجماع لبقاء الخلاف ببقاء هذه الأقوال، فإن أجمعوا على أحد الأقوال كانوا بعض الأمة لا كلها لخلاف أصحاب القول الأول.
هذا بخلاف ما إن اختلف أهل عصر ولم يستقر الخلاف ثم اتفقوا على أحد الأقوال فهنا يصح الإجماع لانتفاء الخلاف واتفاق أهل العصر على قول واحد.
قال ابن قدامة في "روضة الناظر" (ص/148): (وإذا اختلف الصحابة على قولين فأجمع التابعون على أحدهما فقال القاضي وبعض الشافعية لا يكون إجماعا لأنه فتيا بعض الأمة