قالَ يعقوبُ بنُ السِّكِّيتِ فِي قولِهِ تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}.
قالَ: الإثمُ هاهُنا الخمرُ، واحتجَّ بقولِ الشَّاعرِ:
شربتُ الإثمَ حَتَّى ضلَّ عقْلي ... كذاكَ الإثمُ يذهبُ بالعقولِ
وقالَ آخرُ:
نشربُ الإثمَ بالصُّواعِ جهاراً ... وترَى المتكَ بينَنا مستعاراً
قَالُوا: المتكُ الأترجُّ، وقَالُوا الزُّماوردُ.
وسمِّيت الخمرةُ قهوةً، لأنَّها تقهِي عنِ الطعامِ والشَرابِ. يُقالُ: أقهى عنِ الطَّعامِ، وأقهمَ عنهُ، إِذَا لمْ يشتههِ.
وسمِّيتْ شمولاً، لأنَّ لَها عصفةً كعصفةِ الشَّمالِ. وقيلَ: لأنَّها تشملُ القومَ بريِحها.
وسمِّيتْ قرقَفاً، لأنَّ شاربَها يقرقفُ إِذَا شربَها، أيْ يتقبَّضُ. قرقفَ منَ البردِ، وقفقفَ.
وسمِّيتْ عقاراً، لأنَّها عاقرَتِ الدَّنَّ. وقَالُوا: بلْ لأنَّها تعقرُ شاربَها. منْ قولِ العربِ: كلأُ بني فلانٍ عقارٌ، أيْ يعقرُ الماشيةَ.
وسمِّيتْ مداماً، لأنَّها داومَت الظَّرفَ المنبوذةَ فيهِ. ولمْ يذكرْ للرِّحيقِ اشتقاقٌ.
وسميتْ كميتاً، لأنَّها تضربُ إِلَى السَّوادِ. وسمِّيتْ جريالاً لحمرتِها. والجريالُ عندهُمْ صبغٌ أحمرُ.
والسَّبيئةُ المشتراةُ. وأصلُها مسبوءةٌ. يُقالُ: سبأتُ الخمرَ، إِذَا اشتريتَها.