وقال أبو زيد في قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أن تَضَلُّوا}: قال: مخافةَ أَنْ تَضِلُّوا، وحِذَارَ أنْ تَضلوا، ولو كانَ يُبَيِّنُ الله لكم أَلَّا تَضِلُّوا لكانَ صَوَابًا.
وقال الَّليْثُ: تقولُ: هذه لاءٌ مكتوبة فتَمُدُّها لتتمَّ الكلمة اسمًا، ولو صَغَّرْتَ "لا" لقلتَ: هذه لُوَيَّةٌ مكتوبة، إذا كانت صغيرةَ الكُتْبة غيرَ جَلِيلة.
***
(ما)
قال أهل العربية: من العرب مَنْ يَسْتَعْملُ "ما" في موضع "مَنْ" قال الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكم}؛ أي مَنْ نكح، وكذلك قوله تعالى: {فانْكِحُوا ما طَابَ لكُم}، أي مَنْ طَابَ لكم، ويُقال: هذه قصيدة مُوَوِيَّةٌ، إذا كانت قوافيها "ما"، ولَوَوِيَّةٌ، إذا كانتْ على "لا" ويُقالُ: مائِيَّةٌ ولائِيَّة أيضا، لغتان في ماويَّة ولائيَّة.
***
الفَرَّاءُ: يجوز أن تُكْتَب "متى" بالألِفِ؛ لأنَّا لا نعرِفُ فيها فِعْلًا، وأَمَّا "متا ما" فتُكْتَبُ بالألف لِتَوسُّطِها، نصَّ على ذلك ابنُ دَرَسْتَوْيْهِ.
***
(وا)
الواو تكونُ للاستئذان، كقوله تعالى: {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ في الأَرْحَامِ}.
وتَكون للصِّلة في القوافي، كقول الأعشى:
وَدِّع هُرَيْرَة إنَّ الرَّكْبَ مُرْتَحِلُ
وهَلْ تُطِيقُ وَدَاعًا أَيُّها الرَّجلُ!
فوُصِلتْ ضمةُ اللام بواوٍ تَمَّ بها وزن البيت وتكون للإشباع كقولهمْ: "البُرْقُع برْقُوعٌ"، وحكى الفراء "أَنْظُورُ" في موضع "أَنْظُرُ"، وأنشد غيره:
*لَوْ أَنَّ عَمْرًا هَمَّ أَنْ يَرْقُودَا*
أراد أنْ يَرْقُدَ فأَشْبَعَ الضَّمَّةَ بالواو ونَصَبَ يَرْقُودَ على ما يُنْصَبُ به الفعلُ المستَقْبَل.
وتكونُ للتَّعايِي والتَّذْكُّر، كقولِك: "هذا عَمْرو"، فتَسْتَمِدُّ ثم تقولُ: "مُنْطَلقٌ".
وكذلك الألفُ والياءُ قد تكونان للتذكُّر.
ومن الواوات واوُ مَدِّ الاسم بالنِّداءِ، كقولهم: "يا قُورْطُ" يريدون "يا قُرْط"، فمدُّوا ضمَّةَ القافِ بالواو ليمتدَّ الصَّوْتُ بالنِّداء، ومنها الواو المُحوَّلَةُ نحو "طُوبَى"، أَصْلُها طِبَى، فقُلِبَت الياءُ واوًا لانضمام الطاءِ قبلَها، وهي مِن طَابَ يَطِيبُ.