الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ النِّصَابُ النَّامِي تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا نَذْكُرُ قَرِيبًا (أَمَّا الْوَقْتُ) نَفْسُهُ لِلصَّلَاةِ (فَجَدِيرٌ بِهِ الْعَلَامَةُ) كَمَا سَيَأْتِي (وَ) سَبَبُ الْوُجُوبِ (لِلزَّكَاةِ النِّصَابُ) النَّامِي تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا (لِعَقْلِيَّةِ الْغَنِيِّ سَبَبًا) لِمُوَاسَاةِ الْفَقِيرِ بِقَلِيلٍ مِنْ كَثِيرٍ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ (وَشُرِطَ النَّمَاءُ) فِي النِّصَابِ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ (تَيْسِيرًا) لِلْأَدَاءِ وَتَحْقِيقًا لِلْغِنَى لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَالِ تَتَجَدَّدُ زَمَانًا فَزَمَانًا وَهُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ نَامِيًا تُغْنِيهِ الْحَوَائِجُ قَرِيبًا فَيَكُونُ الْغِنَى بِدُونِ الِاسْتِنْمَاءِ نَاقِصًا فِي مَعْرِضِ الزَّوَالِ وَإِذَا كَانَ نَامِيًا تَعَيَّنَ صَرْفُ النَّمَاءِ إلَى الْحَاجَاتِ الْمُتَجَدِّدَةِ فَيَبْقَى أَصْلُ الْمَالِ فَاضِلًا عَنْ الْحَوَائِجِ فَيَحْصُلُ بِهِ الْغِنَى وَيَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ مِنْهُ الْأَدَاءُ (وَأُقِيمَ الْحَوْلُ مَقَامَهُ) أَيْ مَقَامَ النَّمَاءِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَوْلَ.

(طَرِيقُهُ) أَيْ النَّمَاءِ إقَامَةً لِلسَّبَبِ الْمُؤَدِّي إلَى الشَّيْءِ مَقَامَ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِأَنَّ الْحَوْلَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي النَّمَاءِ بِالدَّوْرِ وَالنَّسْلِ وَزِيَادَةِ الْقِيمَةِ بِتَفَاوُتِ الرَّغَبَاتِ فِي شِرَاءِ مَا يُنَاسِبُ كُلَّ فَصْلٍ فَصَارَ الْحَوْلُ شَرْطًا وَتَجَدُّدُهُ تَجَدُّدٌ لِلنَّمَاءِ وَتَجَدُّدُ النَّمَاءِ تَجَدُّدٌ لِلْمَالِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ بِوَصْفِ النَّمَاءِ وَالْمَالُ بِهَذَا النَّمَاءِ غَيْرُهُ بِذَلِكَ النَّمَاءِ ثُمَّ حَيْثُ أُقِيمَ الْحَوْلُ مَقَامَ النَّمَاءِ كَانَ تَكَرُّرُ الْوُجُوبِ بِتَكَرُّرِ الْحَوْلِ تَكَرُّرَ الْحُكْمِ بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ لَا بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ هَذَا وَاتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ هُوَ الشَّهْرُ لِأَنَّهُ يُضَافُ إلَيْهِ وَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ ثُمَّ ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَصَدْرُ الْإِسْلَامِ وَمُوَافِقُوهُمْ إلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَ) سَبَبُ الْوُجُوبِ (لِلصَّوْمِ) أَيْ لِصَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (الْجُزْءُ الْأَوَّلُ) الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ (مِنْ الْيَوْمِ لِأَنَّ إيجَابَ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتٍ شَرِيفٍ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْوَقْتِ لِحَقِّ تِلْكَ الْعِبَادَةِ وَالْعِبَادَةُ فِي الْأَدَاءِ دُونَ الْإِيجَابِ فَإِنَّهُ صُنْعُ اللَّهِ وَالصَّوْمُ وَجَبَ فِي الْيَوْمِ.

(وَلَا دَخْلَ لِلَّيْلِ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّوْمِ فَكَانَ السَّبَبُ الْيَوْمَ؛ ثُمَّ صَوْمُ كُلِّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ عَلَى حِدَةٍ مُخْتَصٌّ بِشَرَائِطِ وُجُودِهِ مُنْفَرِدٌ بِالِانْتِقَاضِ بِطُرُوءِ نَوَاقِضِهِ مُتَعَلِّقٌ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ وَذَهَبَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ إلَى اسْتِوَاءِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي فِي سَبَبِيَّتِهِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي لِأَنَّ السَّبَبِيَّةَ ثَابِتَةٌ لِمُطْلَقِ شُهُودِ الشَّهْرِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ لِإِظْهَارِ شَرَفِهِ وَشَرَفُهُ فِيهَا جَمِيعًا وَمِنْ ثَمَّةَ تَصِحُّ نِيَّةُ صَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ بَعْدَ تَحَقُّقِ جُزْءٍ مِنْ لَيْلَتِهِ وَلَا تَصِحُّ قَبْلَ دُخُولِ جُزْءٍ مِنْهَا لِأَنَّ نِيَّةَ أَدَاءِ الْوَاجِبِ تَجُوزُ بَعْدَ تَصَوُّرِ سَبَبِهِ لَا قَبْلَهُ وَلَزِمَ قَضَاءُ الشَّهْرِ لِمَنْ كَانَ أَهْلًا لِوُجُوبِ الصَّوْمِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ وَاسْتَمَرَّ مَجْنُونًا حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ فَأَفَاقَ وَلِلْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ فِي لَيْلَةٍ مِنْهُ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَلَوْ لَمْ يَتَقَرَّرْ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ مِمَّا شَهِدَ مِنْ الشَّهْرِ حَالَةَ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ كَوْنِ اللَّيَالِي لَهَا دَخْلٌ فِي السَّبَبِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَأَمَّا جَوَازُ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ أَفَاقَ فِي لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَلِأَنَّ اللَّيْلَ تَابِعٌ) لِلنَّهَارِ (فِي الشَّرَفِ) الَّذِي لِلنَّهَارِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ وَقْتًا لِلصَّوْمِ.

فَإِنْ قِيلَ لِلَّيْلِ شَرَفٌ مُسْتَقِلٌّ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ وَقْتٌ لِقِيَامِهِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَنَا فِي شَرَفٍ يَحْصُلُ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِيَّةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِأَدَاءِ مُسَبَّبِهِ (وَتَحَقَّقَتْ ضَرُورَةٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي جَعْلِ اللَّيْلِ تَابِعًا لِلنَّهَارِ فِي جَوَازِ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ الَّذِي هُوَ مِنْ آثَارِ شَرَفِهِ لِأَنَّ فِي اقْتِرَانِهَا بِأَوَّلِ أَجْزَاءِ الصَّوْمِ عُسْرًا وَحَرَجًا فَأُقِيمَتْ النِّيَّةُ مِنْ اللَّيْلِ مَقَامَ الْمُقْتَرِنَةِ بِأَوَّلِ أَجْزَاءِ الصَّوْمِ وَلَا ضَرُورَةَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.

(وَالْجُنُونُ لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ بِالسَّبَبِ) لِأَنَّهُ بِجُمْلَتِهِ يَثْبُتُ بِهِ جَبْرًا (بَلْ) لَا يُنَافِيهَا (بِالْخِطَابِ) إذْ كَانَ وُجُوبُهُ (لِيَظْهَرَ) أَثَرُهُ (فِي الْحَالِ فِي) الْوَاجِبِ (الْمَالِيِّ غَيْرِ الزَّكَاةِ) مِنْ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ وَالْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ وَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَوُصُولُهُ إلَى مُعَيَّنٍ وَهُوَ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِالنَّائِبِ بِخِلَافِ الْعِبَادَةِ الْمَحْضَةِ كَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إيجَابِهَا إيجَادُ نَفْسِ الْفِعْلِ ابْتِلَاءً لِيَظْهَرَ الطَّائِعُ مِنْ الْعَاصِي وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا عَنْ اخْتِيَارِ صَحِيحٍ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ بِدُونِ الْعَقْلِ فَانْتَفَى الْوُجُوبُ لِانْتِفَاءِ حُكْمِهِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ (وَ) لِيَظْهَرَ (فِي الْمَالِ) أَيْ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ (فَائِدَةُ الْقَضَاءِ بِلَا حَرَجٍ وَهُوَ فِيهِ) أَيْ الْحَرَجِ فِي الْقَضَاءِ (بِالْكَثْرَةِ) وَهِيَ فِي كُلٍّ بِحَسَبِهِ فَفِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015