بما به علمت أن الأمر علي الوجوب، وأنه علي العموم، وأن توقيفهم من بعدهم على أنهم علموا ذلك ضرورة من دين الرسول عليه الصلاة والسلام أقوى من ذكر الأسباب الجامعة لهم على ذلك والدالة عليه بما يغني عن إعادته.

وبعد فلو صحت هذه الروايات عنهم لم يستنكر أن يكون المتعلق منهم بظاهر الآي إنما تعلق بها لسبقه إلى اعتقاد القول بالعموم.

وما ينكر أن يكون فيهم معتقد لذلك لظنه أنه موجب اللغة، وذلك غلط منه ومن مقره عليه.

وليس يصح إقرار جميع الأمة على القول بذلك وثبوته، لأنها لا تصوب مخطئاً.

ولا يمتنع اختلافهم في ذلك وإن كانوا هن أهل اللغة إذا لم يكونوا هم الواضعون لها. ولا يستنكر- أيضا- أن يكون المتعلق بذلك منهم إنما تعلق بها لتجويزه أن يكون المراد به العموم، لأنه صالح لذلك ومعرض له، وكان المتعلق بذلك منهم يقول يصلح للعموم والخصوص فإذا لم أجد ما يخصه حملته على العموم لصلاحه له. وهذا استدلال منه على وجوب حمل الخطاب على العموم متى لم يجد دليل التخصيص، وذلك غلط من الاستدلال، لأنه يوجب حمله على الخصوص، لأنه لا دليل على عمومه، وهذا متقاوم. وليس التعلق بهذا وأمثاله لغة، وإنما هو نظر واحتجاج، ولا يثبت بذلك للأمة إجماع. فزال ما تعلقوا به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015