فصل: وقد اعتمد جميعهم - من قال عنهم إن اسم الجمع المعرف والمنكر، واسم الواحد المعرف من الجنس لم يوضع للعموم والاستغراق - على أن الألفاظ المفردة الموضوعة للعموم هي من وما وأي الواردة للاستفهام والشرط والجزاء هي الألفاظ المبنية للعموم والاستغراق.

قالوا: والدليل على ذلك وجودنا إياهم قد استفهموا بمن وما وأيما وعدلوا إليها في الاستفهام والجزاء / وكذلك صنعوا في ما وأي، وعدلوا إليها في الجزاء والاستفهام عند ذكر كل عاقل باسمه الموضوع له وبحرف الاستفهام الموضوع له، ولم يقولوا أعندك، وهل عندك عموم، ولا قالوا إن دخل الدار زيد ضربته، وإن دخل عمرو وسعد وخالد ضربته، بل اقتصروا على قولهم من دخل الدار ضربته. وهذا عدول منهم ظاهر عن حروف الاستفهام والجزاء إلى من وأي وما، وعدول عن تعداد كل عاقل باسمه الموضوع له.

قالوا: وإذا كان ذلك كذلك وجب أن يكونوا إنما عدلوا إلى من وأمثالها بدلاً من ذكر حروف الاستفهام والجزاء لكون من وما وأي مستغرقة لكل عاقل وكونها عندهم في أصل الوضع نائبة مناب ذكر كل عاقل بحرف الشرط والجزاء وحروف الاستفهام، ولولا ذلك ما عدلوا إلى هذه الألفاظ.

فيقال لهم: لم قلتم ذلك، وما دليلكم عليه، ومن وقفكم على أن هذا العدول لعلة ما ذكرتموه: فلا يجدون في ذلك متعلقاً، واللغة لا تثبت بنظر واستدلال. وهذا الاستدلال من المعتل به على إثبات لغة، وذلك باطل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015