علة (لهم) أخرى:
واعتلوا لذلك - أيضًا - بأن قالوا: لما كان مفهوم النهي عن الشيء تحريم الإقدام عليه, وجب أن يكون الأمر بالشيء وجوب فعله والإقدام عليه, وهذا خطأ لأن الأمر والنهي عندنا في ذلك سيان ونستدل على ذلك من بعد, وإذا بطل هذا فسد ما بنوا عليه.
فصل: ذكر الكلام على من يزعم منهم أنه إنما يجب حمل أوامر الله تعالى وأوامر رسوله عليه السلام على الوجوب من جهة السمع دون قضية اللغة وحجة العقل.
وهذه الفرقة قد وافقت على أن ذلك ليس من موجب اللغة وقضية العقل, وإنما يجب سمعًا, ولا خلاف بين الأمة في أن السمع متى قرر حمل الأمر على أحد الوجهين وجب القول به, غير أنه لم يرد بذلك, ونحن نبين ما يعتلون به ونعترضه.
وقد استدلوا على ذلك من جهة السمع بقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} , وبقوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} إلى قوله {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} ولا تعلق لهم في ذلك, لأن قوله: أطيعوا الله, أمر لهم بفعل الطاعة وهو محتمل للوجوب والندب, فمن أين يجب حمله على أحد الوجهين, وفي ذلك وقع النزاع, والمتعلق بهذا متعد, لأنه يستدل على وجوب حمل أوامر الشرع على