يقال لهم: إن عنيتم بحصر المأمور على الفعل أن الآمر آمر للمأمور وحده, وبالفعل وحده دون غيرهما, فكذلك هو لأنه لا يعقل من الأمر لزيد الأمر لعمرو, ولا من الأمر بالفعل الأمر بغيره وخلافه, وإن عنيتم بذلك أنه يوجب حتمه وإلزامه له بالفعل فذلك باطل, لأن أعظم الخلاف فيه, وكأنكم قد عدلتم عن قولكم, هو على الوجوب إلى القول إن المأمور مقصور على الأمر له به, ولا فائدة في النزاع في العبارات.

علة لهم أخرى:

واعتلوا لذلك - أيضًا - من جهة قضية العقل بأن قالوا: الذي يدل على ذلك أنه لا يخلو مجرد الأمر من أن يكون مفيدًا للإيجاب له أو الامتناع والكف عنه أو التخيير بين فعله وتركه, قالوا: وقد اتفق على أنه لا يجوز أن يكون معقوله الكف عن الفعل والترك له, ولا على التخيير بين فعله وتركه, وقد دخل في التخيير بينه وبين تركه الإباحة له والندب إليه, لأن المباح والمندوب إليه مخير في فعلهما وتركهما فلم يبق بعد ذلك إلا إفادته للإيجاب.

يقال للمعتل: بهذا قد أحللتم بما نقوله, وقد كان يجب أن تبدؤوا بذكره, لأننا نقول لم يوضع لإفادة الإيجاب ولا لإفادة الندب ولا للتخيير بين فعله وتركه, بل لم يوضع لإفادة شيء من ذلك بمجرده، بل الأمر مشترك بين الواجب والندب، والمأمور به واجبا كان أو ندبا غير مخير في فعله وتركه فوجب أنه لم يوضع بمجرده لشيء مما قلتم وإنما هو مشترك بين الواجب والندب, فبطل ما قلتم به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015