الوجوب ببعضها, ولو سلم ذلك في البعض لسلم في الكل.
وأما قوله تعالى: {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} فليس في ظاهره أكثر من أنهم إن تولوا فعليه ما حمل, وهل الذي تولوا عن أمثاله واجب أو ندب ليس في الظاهر, وقوله تعالى: {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} إنما هو خبر عن وجوب ما يجب علينا وعليه, وأننا محملون له, وهل نحن محملون له بنفس الأمر ومجرده, أو بشيء يقترن به موقوف على الدليل, وأن جعل قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} وعيدًا وإرهابًا وتهديدًا صار لمعنى قوله إنكم إن توليتم عن تصديقه والإيمان بنبوته فعليه ما حمل من بلاغكم وعليكم ما حملتم من تصديقه وكأن الآية وردت في الأمر بالإيمان بالله تعالى وبرسوله عليه السلام, ولا أحد يقول إن ذلك ليس على الوجوب, ولكنه لم يجب لموضع الأمر به, لكن لما قارنه من التوقيف على وجوبه, ويبين ذلك أن من ترك بعض أوامر الشرع من الواجب والندب مع الإيمان بالله تعالى والتصديق بها لا يوصف بأنه متول ومعرض عن الرسول عليه السلام بل لا يوصف بذلك إلا المكذب له والجاحد لنبوته, وإذا كان ذلك كذلك كان ذكر التولي على وجه التهديد والوعيد قرينة في جعل الطاعة في الإقرار بنبوته وما جاء به على الوجوب.
وأما قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} فهو - أيضًا - أحد القرائن في أنه أراد الطاعة في الإيمان به, وبما جاء به الذي يكونون بفعله مهتدين وعن