على أسماء جميع الأشياء بكل لغة وإن لم يتقدم لأهلها نطق بلغة غير التي وقفهم عليها، وهذا واضح لا إشكال فيه.
وأما ما يدل على فساد قول من قال: إنه لا يصح تواضع أهل اللغة على معاني ما يبتدئون به من الكلام دون أن يكونوا قد وقفوا على لغة سبق تكلمهم ونطقهم بها، وإلا لم يتم لهم مواطأة ومواضعة فهو: إنهم إذا كانوا أحياء ناطقين، وكان الكلام والنطق منهم صحيحا، ولهم متأتيا وإقدارهم عليه جائزا ممكنا، وبمثابة إقدارهم على الحركات والاختيارات والإشارات وسائر التصرفات، فكان منهم النطق صحيحا جائزا كسائر مقدوراتهم، فإذا كانوا مع ذلك يدركون المعلومات ويعرفون البعض منها ضرورة وحسا، والبعض منها نظرا وبحثا، ويعرفون لما يعلمونه أمثالا، وربما غاب عنهم الحاضر واحتاجوا أتم حاجة إلى طلبه تارة والإخبار عنه أخرى، والتحذير منه مرة وكانت الإشارة إليه متعذرة عند غيبته وجب لذلك صحة نطقهم بالأصوات وتواضعهم على جعلها تسميات لما حضرهم وغاب عنهم مما بهم حاجة إلى تعريفه والإخبار عنه، ولم يكن ذلك ممتنعا منهم/ ص 72 وجري ذلك مجرى الخلق الكثير والجم الغفير على أكل الطعام عند الجوع والحاجة إليه، وشرب الماء واتقاء الحر والبرد، وفعل كل ما ينتفعون به ويدفعون به ضررا.
وكما يصح ويجوز من أهل الإسلام وغيرهم قاطبة من أهل الملل الاجتماع على فعل كالصلوات والصيام والحج إلى المشاهد المأمور بالقصد إليها، وحضور الجمع والأعياد، وإقامة المناسك لما يعتقدونه فيه من الانتفاع ودفع الضرر، وكذلك سبيل صحة اتفاق أهل كل لغة على وضع أسماء وتخاطب لإفادة ما عرفوه ضرورة ودليلا وتعذر الإشارة إليه عند غيبته، وإذا