ظهورها أنه لا يقدر عليها إلا الله سبحانه، فيكون عالما بوجود الخطاب عند سماعه ضرورة وأنه لمتكلم به ضرورة، وأن المتكلم به هو القديم المخالف لجميع أجناس العالم بدليل يقترن بذلك، فإذا أعلمه سبحانه هذه الجملة عند خطابه خلق أصواتا وصيغة مبنية بنية الألفاظ العربية /ص 71 وغيرها من اللغات وأسمعها ذلك المخاطب، وقال له بكلامه القديم الذي يضطره إلى معرفة معناه. اعلم أن هذه الصيغة قد جعلتها لكذا وكذا، وهذه الأخرى المخالفة لها اسم _أيضا_ لذلك الشيء، وأن الصيغة الأخرى اسم لغير ذلك الشيء، فيعلم ضرورة بما يخلقه الله سبحانه في قلبه من العلم ما وضع الله تعالى له تلك الصيغ والأصوات من المعنى وهو سبحانه المتفرد بالقدرة على خلق العلم ضرورة في غيره بمراده بما قد جعل الصيغ والأصوات المختلفة اسما لها. وإذا كان ذلك كذلك بان أنه قد يصح أن يعلم مراد الله سبحانه بخطابه وما جعل ما يخلقه من الأصوات والصيغ أسماء ومفيدة لما هي مفيدة له وإن لم يتقدم له خطاب وكلام بلغة من اللغات.

ويدل على صحة ذلك _أيضا_ علمنا بأنه قد اضطر الخرس والناطقين إلى المراد بالرموز والإشارات وإفادتها لكل ما يضعه أهل الرموز والإشارة وإن لم يتقدم لهم رموز وإشارات قبل ذلك، فكذلك يصح اضطراره تعالى إلى مراده بكلامه وإلى المراد بما جعل ما يوجده من الأصوات عبارة عنه وإفادة له، فبطل ما قالوه، وثبت بذلك صحة التوقيف من الله سبحانه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015