كان ذلك كذلك بكل [؟ بطل] ما ظنوه من تعذر ذلك وامتناعه.

فإن قال قائل: وكيف يعرف غير المبتدئ بالنطق مراد الناطق بالأصوات؟

يقال له: يعرف ذلك ضرورة عند قوله رجل وإنسان وتكريره لذلك وإتباعه له بالإشارة إليه والإقبال عليه وإيمائه نحوه، فلا يزال يردد ذلك ويكرره حتى يحصل للسامع صورة مراده بتلك الأصوات ضرورة، ثم توافق السامعين لكلامه على قصده في جعل ذلك اسما لما سماه فيتم لذلك المواطأة والمواضعة بينهم والعلم بالمراد بها، ثم يوقفون من خرج عن تلك المواضعة على معناها، وهذا واضح لا إشكال فيه.

ويدل على ذلك _أيضا_ أنه لا يجوز أن تكون أحوال الناطقين العقلاء الأصحاء أدون من حال الخرس في تأتي المواضعة منهم على معاني رموزهم وإشاراتهم، وإن لم يتقدم لهم إشارات أخر وقفوا على معناها، فإذا علم تأتي المواضعة من الخرس على معاني إشاراتهم التي يبتدئون المواضعة عليها كان تأتي ذلك للناطقين على معاني الألفاظ أيسر وأقرب وأخف، ولأن الله سبحانه إذا أراد توقيفهم للمواضعة على ذلك جمع عليه هممهم ووفر دواعيهم وسهل سبيل ذلك لهم وخلق لهم من الألطاف والأسباب التي تحوشهم إلى فعل ذلك ما لا يقدر عليه إلا هو تعالى، فيسهل عليهم عند ذلك الوعر وييسر الصعب فثبت ما قلناه./ ص 73

فأما ما يدل على جواز تواضعهم على أسماء قد وقف الله عليها غيرهم من ملائكته أو غيرهم من أهل اللغات [؟ فذلك] مما لا شبهة فيه، لأن إقدارهم على فعل ذلك وجمع هممهم ودواعيهم إليه [و] توقيفه لغيرهم على مثل ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015