لزومه لهم, لأنه بين عند التأمل. وقد خلطوا في جواب هذه الدلالة أنواعا من التخاليط? عجيبة نحن نكشفها.
وقال فريق منهم الفرق بين جواز تأخير بيان الأزمان وتأخير بيان الأعيان أن تأخير النسخ الذي هو بيان الأزمان لا يخل بصحة أداء الفعل على مجه ما كلفناه إذا قدم بيانه قبل تضيقه, وتأخير بيان الأعيان يخل بأداء الفعل.
وإن قدم قبل وقت التضيق, وهذا ما لا يذهب فساده على ذي تحصيل لأنهما متساويات في عقل كل عاقل.
ويقال لقائل هذا لو قبلت هذه الدعوى فقيل تأخير بيان الأزمان مخل بالأداء. وليس كذلك تأخير بيان الأعيان. ما الذي كنت صانعا. ويقال له: قد بينا فيما سلف أن تأخير بيانه إلى حين الحاجة لا يخل بصحة أدائه. وأنه بمثابة تأخير القدرة والآلة، وكل ما يحتاج في إيقاع الفعل إلى وجوده. وإذا كان ذلك كذلك بطل ما ظنوه.
فإن قالوا لم نرد بأنه مخل بأداء نفس المأمور به, وإنما عنينا أنه مخل بأداء اعتقاد وجوبه على وجه ما أمرنا به وذلك إنه إذا أطلق اللفظ وآخر البيان أوجب علينا بحق اللفظ اعتقاد عمومه بأداء كان مخصوصا عنده وآخر عنا بيانه لزمنا اعتقاد مراده به, وأنه مخصوص مع فقد الدليل عليه, وأخل تأخيره بصحة اعتقاد خصوصه، بل يجب علينا اعتقاد ضد ذلك من عمومه.
يقال لهم: من سلم لكم أن الواجب اعتقاد خصوصه أو عمومه, وهل المنازعة إلا في ذلك. بل ما أنكرتم أن يكون الواجب علينا اعتقاد جواز تركنا