ولزوم العبادة لنا ما دمنا أحياء سالمين, وجواز نسخه وورود البيان منه تعالى برفعه في بعض الأزمان، وبأن المراد كان به عندهم إلى ذلك الزمان وإن كان اللفظ العام ودليل التكرار لا ينبئ عن ذلك, بل عن نقيضه وضده لو تجرد عنه. وإذا كان كذلك ولم يوجب تأخير بيان اللفظ المقيض لعموم الأزمان شيئا من سائر ما قالوه في جواز تأخير بيان العموم في الأعيان بطل ما قالوه, وصح ما قلناه.
واعلموا أن هذه الدلالة غير مستمرة مع القول بأن النسخ إنما هو رفع ما ثبت حكمه وعلم استقراره. وهذا هو الذي نختاره, لأنه إذا ثبت وجوب دوام لزوم العبادة باللفظ العام- لو ثبت- وبدلالة التكرار فقد علم لزوم ذلك قطعا في جميع الأزمان فإذا ورد النسخ أزال ما كان ثبت حكمه وبدله, ولم يجز أن يقال تبين به أنه أريد التعبد بالقول إلى تلك المدة, لأن ذلك يدخله في التخصيص دون النسخ, وإنما تثبت هذه الدلالة على أصولهم, لأنهم يقولون أن ما ينسخ مما اقتضى لفظ العموم أو دليل التكرار دوامه تبين بنسخه إنه إنما أريد بإطلاق اللفظ العام العبادة إلى ذلك الوقت (وأن تأخير) وأن تأخر بيانها. وهذا نفس ما نقوله نحن في تأخير بيان العام لو ثبت. وكل شيء يتعلقون به في إحالة ذلك مبطل لجواز النسخ الذي يذهبون إليه، ولا محيص لهم عن ذلك.
ولسنا نحتاج إلى إعادة ذكر كل ما حكيناه عنهم في إحالة ذلك وكشف