فإن قال: سمعته يقول: "الشفعة للجار" فقضيت أن الشفعة للجار حمل ذلك على العموم في كل جارٍ في استحقاقه الشفعة على أنه يجوز أن يقال إنه قال سمعته يقول: قضيت بأن الشفعة للجار احتمل أن يكون نصًا منه لجار معهود وشخص واحد. وقام ذلك مقام قول الراوي قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة للجار في احتماله أن يكون إخبارًا عن قضية لعين، ويحتمل أن يكون إخبارًا عن بيان حكم الشرع في وجوب القضاء بالشفعة للجار، فسمع لذلك دعوى العموم فيه. فإن كان قضية لعين، ودل الشرع بأنه إذا حكم للجار بالشفعة للجوار، وجب إجراء هذه القضية والحكم بوجوب الشفعة لكل من شاركه في علة وجوب الحكم له بالشفعة وجب لذلك من طريق وجوب التعبد بالقياس، لا من ناحية كون اللفظ عامًا، وكذلك حكمه للشفعة للجار يحتمل أن يكون أراد الجنس، ويحتمل أن يكون أراد جارًا معهودًا.

وإن قال الراوي أردت بقولي قضى للجار بالشفعة، وقضى بأن الشفعة للجار حكاية قضية وقعت منه لعين امتنع العموم في ذلك. ولم تجب الشفعة لكل جارٍ إلا من جهة العلة والمعنى بعد التعبد بالقياس.

وقد يفصل قوم بين قول الراوي: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة للجار" وقوله "قضى بأن الشفعة للجار" لا يخرج إلا مخرج بيان حكم الشرع في إيجاب الحكم للشفعة لكل جار".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015