فالصناعة هي التأليف الجامع للاستعارة بالأشياء والتحليق على المعاني والكناية عنها، ورب هذا الباب من المتقدمين زهير بن ابي سلمى ومن المحدثين حبيب بن اوس.
والطبع هو مالم يقع فيه تكلف وكان لفظه عاميا لا فضل فيه عن معناه حتى لو أردت التعبير عن ذلك المعنى بمنثور لم تأت بأسهل منه ولا أوجز (?) من ذلك اللفظ، ورب هذا الباب سمن المتقدمين جريد ومن المحدثين الحسن.
والبراعة هي التصرف في دقيق المعاني وبعيدها والإكثار فيما لا عهد للناس بالقول فيه واصابة التشبيه وتحسين المعنى اللطيف، ورب هذا الباب من المتقدمين لمرؤ القيس ومن المتأخرين على بن عباس الرومي.
واشعار سائر الناس راجعة إلى الأقسام التي ذكرنا ومركبة منها. واما من أراد التمهر في اقسام الشعر ومختاره وافانين التصرف في محاسنه فلينظر في كتاب قدامة بن جعفر في نقد الشعر وفي كتاب ابي علي الحاتمي ففيها كفاية الكفاية والايعاب لهذا المهنى. وكون المرء شاعرا ليس مكتسبا لكنها حيلة، الا أننا نقوي صاحبها بالتوسع في الأشعار وتدبرها.
وإذ قد تكلمنا في الشعر بكلام جامع لأقسامه وانقضى أربنا فنقول: هذا هو حد المنطق الذي نحذر منه الظنون وترك اليقين قد، كشفنا غامضه وسهلنا مطلبه وكفينا صاحبه تشنيع الجاهلين وشعوذة الممخرقين وحيرة المتوهمين، ولله الشكر خالق الاولين والآخرين فلنختم كتابنا بما بدأنا به فنقول: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم أنبيائه ورسله وسلم تسليما كثيرا.
تم كتاب التقريب لحد المنطق تأليف الإمام الأوحد البارع أبي محمد
علي بن احمد بن سعيد ابن حزم بن غالب بن صالح
ابن خلف بن معدان بن زيد رضوان الله عليه