بتقسيم فقال: ما قولك في كذا وكذا: أكذا أو كذا، مثل قوله: ما تقول في الورد أبارد ام حار ام معتدل؟ وما تقول في كسب الحجام امستحب ام حرام ام مكروه؟ فان كانت الاقسام مستوفاة فلا بد للمسئول من التزام احد تلك الاقسام فان لم يفعل فهو منقطع بالحقيقة، وان كانت غير مستوفاة فالسائل جاهل أو معاند، فان ظهر انقطاع الخصم فالمتقدمون: ليس على السائل بيان الحقيقة، واما نحن فنقول: إن ذلك عليه ومن أبطل حكما ما فعليه أن يبين قوله، فاما ان يدخل في مثل ما أبطل واما أن يجلى الحيرة. وبيان الحقائق فرض وقد اخذ الله تعالى ميثاق العلماء ان يبنوا ما علموه ولا يكتمونه.
واذا استوفى الخصم الاقسام وزاد فيها قسما فاسدا فليس للآخر ان يدع ما هما فيه ويأخذ في الاحتجاج في بيان القسم الزائد الذي زاد لكن يقول له: زدت قسما فاسدا وهو كذا، وإنما ذكرته لك لئلا تور علي فيكون سكوتي عنه عند من لا ينصف مثل اقراري به ولكني استضر بذلك والتزم الاقسام التي ذكرت قسما كذا، وهو الصحيح.
واعلم ان ترك ما هو فيه مع خصمه من المناظرة وخرج إلى مسألة اخرى فجاهل مشغب مقنع (?) كمثل ما شاهدناه كثيرا ممن ترك ما هما بسبيله وجعل يتبع لحن صاحبه في كلامه، ولسنا نقول هذا نصرا للحن وتركا للاشغال بغير ما شرعا فيه وليس للخصم اكثر من ان يعبر عن مراده بما يفهم به خصمه ولا مزيد باي لفظ كان وبأي لغة كان الا اننا نختار الاختصار ولكن نصرا للحق الجامع [85 ظ] لكثير المعان من قليل الألفاظ وسبطها وسهلها وفضيحها لمن قدر على ذلك، والا لا لوم عليه الا في مكان واحد، وهو ان يسأله السائل والمسئول يدري ان السائل يقول بقول يعود به إلى التزام الخصم أو إلى التناقض فجوابه ها هنا بان يقول له: ما تقول انت في كذا أي فاني اقول بقولك فان قال له الذي عورض بهذا: لست اقول ما تظن ولا اقول شيئا ولا أنصر طامعا جوابا وإنما انا طالب برهان ولا عليك من خطأي أنا فانصر قولك أو اقر بالخطأ، فواجب حينئذ ان لا يعارضه بسؤال أصلاً لكن ببرهان يبين به صحة قوله فقط.