يكون المجيب يأتي بما لا يعقل أو بقحة (?) أو مباهتة أو بما هو من غير ما سئل عنه، جهلا أو مكابرة، فمن هذه صفته فسكوت الخصم عن معارضته جواب، الا باخبار بأن الذي اتى به ليس مما هما فيه ويبين الدليل على ذلك فقط، إلا ما كان من ذلك لا يحتاج إلى دليل لوضوحه واستواء السامعين في علمه. والفلج (?) في المناظرة هو ظهور البرهان الحقيقي فقط وليس انقطاع الخصم فلجا (?) ، فقد ينقطع جهلا أو خوفا أو لشغل بال طرقه، وكل ذلك ليس قطعا للحق ان كان بيده. وليست شهادة الحاضرين بالغلبة لاحدهما شيئا إذ قد يكونون موافقين في رأيهم لرأيه الذي شهدوا له فسبيلهم وسبيله واحد، والانصاف في الناس قليل. وقد يكونون غير محصلين ما يقولون ولا فهماء بما يسمعون وهذا كثير جدا. واما من انقطع عن معارضة خصمه عجزا عن الجواب لا لخوف مانع فهو المغلوب لا قوله، وان كان ذلك عن حقيقة برهان فهو مغلوب وقوله معا، ولا يضر ماصح من البرهان عجز معتقده عن نصره، ولا يقوى ما لم يصح ببرهان لتمويه من مموه في نصره بالسفطة. والبرهان لا يتعارض أبدا فما صح ببرهان فلا يبطله برهان آخر ابدا الا ان يكون مما يستحيل، كبرهان صح بحياة زيد امس ثم صح اخر بموته اليوم. وهكذا كل ما يمكن تنقله لا ينتقل بشيء مما ذكرنا مما صح [85 و] ببرهان الا برهان آخر، والا فحكم البرهان الأول باق (?) . ولا ينتقل الشيء عن الامكان إلى الوجوب الا ببرهان، ولا ينتقل بعد الوجوب إلى الامكان الا ببرهان، والمعاندة والمكابرة عار واثم وسخف.

واعلم ان السائل إذا قال لخصمه: ما قولك في كذا؟ فالجواب مفوض إلى المسئول يجيب بما يشاء. واما إذا قال له: امر كذا احق هو؟ فلا بد بان يجيب اما بنعم أو لا، كسائل سأل فقال: ما تقول في الارض كريه ام لا فلا بد له من نعم أو لا. ما تقول في الخمر أحلال ام لا فكذلك أيضاً أو قال له هل الخلاء موجود أو لا فلا بد من نعم أو لا. وكذلك إذا سأل السائل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015